11 - 05 - 2025

عجايب غراب أبيض | وهل لفقراء مصر من "زياد"؟

عجايب غراب أبيض | وهل لفقراء مصر من

مدهشة هذه المبالغات التي تحمل مقالا بعنوان "على مصر مواجهة الواقع والإصلاح للبناء على قصص نجاحها" للدكتور "زياد بهاء الدين" في "الفايننشال تايمز" البريطانية، بشكل لا يحتمل.

صحيح أشار نائب رئيس الوزراء الأسبق وفي النصف الثاني لعام 2013 إلى بعض ما تتجنبه معظم صحف القاهرة بالعربية، مثل إنكار الحكومة غير المقنع "للأسباب الذاتية والإضافية" لأزمة الاقتصاد المصري الراهنة، وتعللها بتأثيرات وباء كورونا وحرب أوكرانيا. لكن من السذاجة الخلط بين قناعات ومواقف الدكتور "زياد" ووالده الكاتب الصحفي "أحمد بهاء الدين" رحمه الله ناقد الانفتاح "السداح مداح"، وهو مازال في بداية الطريق منتصف السبعينيات.

وبالطبع لم نكن ننتظر منه دفاعا عن ممتلكات وأصول وحقوق الشعب العامة ومصانعه أو قدرة الجنيه المصري الشرائية. لكن حتى مالا يتغافل عنه اقتصاديون ليبراليون آخرون، يغيب عن مقال "الفايننشال تايمز" كحصاد توحش الفساد وسوء الإدارة وانعدام الديمقراطية والحريات والرقابة والمحاسبة. وهي خيارات اجتماعية سياسية في رأيهم أيضا، وليست مجرد أخطاء. 

وثمة مجلة بريطانية شهيرة وليبرالية محافظة بدورها نبهت منذ نحو 7 سنوات، واستخدمت عنوانا صادما، فغضب من غضب عندنا.   

 فهم مقال الدكتور "زياد" يتطلب استدعاء سياق تأجيل صندوق النقد الدولي لليوم، الإفراج عن القسط الثاني من القرض الجديد المقرر له مارس الماضي ، وهو بمثابة رسالة طمأنة للخارج، تغدق الثناء والأمل على إجراءات 16 مايو الجاري الرسمية بعنوان "تشجيع القطاع الخاص"، ومنها المزيد من الإعفاءات الضريبية لرجال الأعمال، ودون نقاش مجتمعي أو عرض على برلمان ونقابات، وحتى لو غابت الحيوية والاستقلالية والشفافية.  وتماما كحال الاتفاق مع الصندوق وبالأصل.

وبكل تقدير واحترام، يحق للدكتور "زياد" ومعه أنصار هذه الليبرالية الجديدة وما يمثلونه اجتماعيا وسياسيا الطلب والتبشير بالمزيد من هكذا إجراءات وبالأسلوب ذاته. 

لكن المسكوت عنه هو: من يدافع عما تبقى من فتات حقوق وفرص حياة ـ أصبحت على الكفاف ـ لأغلبية المصريين الفقراء ومن الطبقة الوسطى؟. ومن سيتاح له النشر في صحافة القاهرة ولندن والخليج "الجبارة" عن بشر هنا وفي القرن الـ 21 عراة من أي حماية أو رقابة لأسواق العمل والسلع الضرورية، وهم يتحملون وحدهم تقريبا أعباء زيادات مجنونة للضرائب المباشرة وغير المباشرة ولأسعار هذه السلع مع تآكل أجورهم وعجزها. وهذا بينما تتلاشى حد العدم الخدمات/ الحقوق العامة كالتعليم والصحة، أوحتى ظل شجرة في طريق عام مع عبور آمن، أو مجرد نسمة هواء على شاطئ النيل أو البحر.

وعجايب!
-----------------------------
بقلم: كارم يحيى

مقالات اخرى للكاتب

عجايب غراب أبيض | ظاهرة الكراسي المقلوبة